العناد الياباني

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
العناد الياباني سمة متأصلة في هذا الشعب ، وقد لعبوا أدوارا مهمة في التاريخ الحديث ، فشرارة الحرب العالمية اندلعت من اليابان عام 1937 ، نتيجة أطماع استعمارية توسعية في جنوب شرق أسيا ومعارك عسكرية خاضوها ضد الصين وكوريا ، ولما وصل امتداد الحرب إلي اوروبا عام 1939 ، كانت اليابان إحدي الدول الثلاث المؤسسة للمحور مع المانيا النازية وايطاليا الفاشية ، وفي عام 1941 ، دفع اليابانيون الولايات المتحدة إلي تغيير خطها الاستراتيجي بالعزلة والحياد ودخول الحرب، بعد أن هاجم اليابانيون ميناء بيرل هاربورعام 1941 ، لتدخل امريكا بثقلها العسكري في معسكر دول الحلفاء الذي كانت تتزعمه بريطانيا وفرنسا والصين وبعدها ينضم الاتحاد السوفيتي، وتستعر أوزار الحرب المجنونة التي امتدت الي 70 دولة بشكل مباشر او غير مباشربمشاركة أكثر من 100 مليون جندي ، وليصل ضحاياها إلي أكثر من 70 مليون قتيل وضحية .

وحتي عندما انهزم حلف المحور واستسلمت زعيمته المانيا في مايو 1945، رفض اليابانيون الاستسلام رغم ضرب الامريكان لهم بقنبلتين ذريتين في هيروشيما وناجازاكي ، وكان اليابانيون آخر المستسلمين بعد تدخل واسع النطاق للجيش السوفيتي سحق خلاله الجيش الياباني ، لتتحول بلادهم الي كتلة من الدمار والخراب والاقتصاد البائس.. وفي غضون سنوات قام اليابانيون ، ووقفوا علي أقدامهم ، ونهضوا وأعادوا بناء المرافق والحجر والبشر بعناد أسطوري، ليصبحوا واحدة من أهم وأغني دول العالم .

وفي كرة القدم لليابان قصة مماثلة بنفس العناد والشراسة والصعود من أدني القاع إلي أعلي الجبل! فمنذ 23 سنة خرج اليابانيون من الدوحة بعد مشاركتهم الاولي في نهائيات كأس الامم الآسيوية ورؤوسهم مطأطأة ، بعدما ودعوا مبكرا من الدور الاول ولم يحققوا سوي نقطة واحدة في المجموعة الاولي من تعادل مع ايران وخسارة امام الامارات صفر /1 ، وامام كوريا الجنوبية صفر /2 ، وأخيرا قطر صفر/3 .. وكانت تلك الهزائم بمثابة نهاية حالة الاستسلام الياباني في الحرب العالمية "الكروية" المتصاعدة في آسيا، فلم تمر سوي أربع سنوات ، حتي اعتلي اليابانيون عام 1992 العرش الآسيوي عندما نظموا البطولة ، ومن وقتها وأصبحوا من أهم عظماء القارة الآسيوية ، فوصلوا دائما للمربع الذهبي او للمباراة النهائية او حملوا الكأس كما حدث لهم عامي 2000 و2004.

ولأنهم جاءوا الدوحة وذكريات الهزائم الكروية المرة تلاحقهم ، فقد قرروا الثأر والانتقام لكل ما سبق بالتألق في كل مباراة ، وإعادة كتابة التاريخ ومحو آثار الذكريات السيئة في الدوحة ، وكانت مباراتهم في الدور قبل النهائي امام كوريا الجنوبية في هذا الاطار ، ورغم تكامل الصفوف الكورية وخاصة عامل الخبرة بقيادة النجم بارك جي سونج ، فقد أصر اليابانيون علي تغيير الصورة ورد الاعتبار امام كوريا التي هزمتهم في نفس المكان عام 1988، وكان لهم ما أرادوا وما استحقوا .

المباراة كانت أطول ماراثون درامي في البطولة وكانت تستحق بجدارة وصف المباراة النهائية ، والفريقان لعبا بلا تردد بشكل هجومي وبلعب مفتوح وباندفاع بدني وفني يتخلي عن الحذر التكتيكي رغم وجود زاكروني الايطالي مدربا لليابانيين، والتقدم كان للكوريين وبضربة جزاء احتسبها الحكم السعودي الدولي خليل الغامدي في الدقيقة 23 سجلها كي سيونج يوينج ، وبدلا من تراجع وخوف اليابانيين ، فإنهم استلهموا حالة العناد المتوارثة في جيناتهم ، ولم تمر سوي عشر دقائق حتي سجلوا هدف التعادل الجميل بواسطة مايدا ، ليكملوا السيطرة والتألق حتي نهاية الشوط.

وفي الشوط الثاني يستعيد الكوريون رباطة الجأش، وخاصة مع إحكام تمركزهم وسيطرتهم علي خط الوسط ، ويحاول بارك جي سونج مرارا مع زملائه جاتشيول وهيونج مين استثمار تفوقهم دون جدوي ، ليتم اللجوء الي الوقت الاضافي ، وخلاله يحتسب الغامدي ضربة جزاء مثيرة للجدل لليابانيين من خطأ وقع خارج منطقة الجزاء ولم يكن يستحق سوي التجاهل ، ومن ركلة الجزاء يسجل هوسوجاي من حالة متابعة ، بعد تصدي الحارس الياباني لتسديدة كيسوكي هوندا لركلة الجزاء ، وكان المفروض إعادة الركلة لدخول عدد من لاعبي الفريقين وخاصة الفريق الياباني لمنطقة الجزاء ، وتستمر حالة الاثارة والدراما والكفاح من الفريقين مع هبوط في الايقاع الياباني حتي ينجح زملاء بارك جي سونج في تغيير النتيجة بهدف الدقيقة 120 ، ومع صافرة نهاية الوقت الاضافي واللجوء لركلات الترجيح تأخذ الاثارة منحي آخر ، بإضاعة الكوريين لأربع ركلات مقابل تسجيل اليابانيين ثلاثة لينتهي الماراثون بفوز عنيد لليابانيين وتأهلهم الي المباراة النهائية مع تحفز كبير للعودة بالكأس والتي ربما يكونون الاقرب لها إذا أرادوا !!




لا يفوتكم.

يسلمو